وفي يوم الخميس أيضًا، توجه الشّيخ تقي الدين إلى مخيّم بولاي بسبب الأسرى واستفكاكهم، وكان معه خلقٌ من الأسرى كثيرون إلى غاية، فأقام ثلاثَ ليالٍ، وتحدث معه في أمر يزيد بن معاوية، وهل تجبُ محبتُه أو بغضُه، فقال له تقي الدين: لا نحبُّه ولا نبغضُه، فقال: (?) تجب لعنته؟ فعلم الشّيخ أن عنده ولاء، فكلمه بما طابت نفسُه. فقال له: هؤلاء أهل دمشق قتلوا الحُسين، فقال له الشّيخ: لم يكن من أهل الشّام من حضر قتل الحُسين، والحسين قُتِل بأرض كَرْبلاء من العراق. فقال: صحيح، وكانوا بنو أُمَيَّةَ خلفاء الدنيا، وكانوا يحبون سُكنى الشّام، وهذه بلاد الأنبياء والصلحاء، فسكن غيظُه عن أهل الشّام، وذكر أن أصله مسلم من أهل خُراسان، وجرى بينه وبين الشّيخ بحوثٌ كثيرةٌ وكلامٌ كثير. (1/ 299 - 300).
قال: وفي بُكرة يومِ الجمعةِ المذكور دار الشّيخ تقي الدين ابن تيميَّة بدمشق على ما جُدِّدَ من الخَمَّاراتِ، فَبدَّدَ الخمور، وكسر الجرار، وشقَّ الظُّروف، وعزَّر الخمَّارين هو وجماعتُه، أثابه الله تعالى.
ولازم النَّاس في هذه الليالي المبيت على الأسوار، ثمّ أظهروا عُددًا حسنة وتجمُّلًا. وكان الشّيخ تقي الدين وأصحابه يمشون على النَّاس، ويَقرأ الشّيخُ عليهم سُوَر القتال وآيات الجهاد، وأحاديث الغزو والرِّباط والحَرَس، ويحثّهم (?) على ذلك ويحرِّضهم. (1/ 302)