يُعترف له به ويُعَوَّل عليه. وغاية الأمر أن المجتهد يخطئ ويصيب، ولو سُلّم عدم أهلية الاجتهاد له، فهو رأيٌ له، وهو غير معيب، فإن الاختيارات من أهل المذاهب المرضيّة أكثر من أن تُحصى أو تخفى إلا على أرباب العصبية.

فإن قيل: قد ذكر أئمة فضلاء وقادة نبلاء القدح فيه، وذلك لا محالة مما ينقصه ويُزريه.

قلت: لا شكَّ في وقوع ذلك، ولكن لا يضرّ بعد العلم بما هنالك، فإن هؤلاء القادحين كانوا لغيرهم تابعين. وقد قام عليه الجمّ الغفير من أهل زمانه وأنكروا عليه النكير، وانتصر له أئمة هم بيت القصيد، فنطقوا بما تحققوا وقمعوا كلّ جبار عنيد، وإنما قيل الذي قيل فيه -قالت الأئمة:- لتفرده وعلوّ مراقيه، وعدم مبالاته في الحق بأحدٍ كائنًا من كان، فإنّه لا يحابي فيه ولا يداهن مدى الأزمان.

وقد كان بشهادة من ذُكِر حافظ السنة وترجمان القرآن وناصر هذه الملة المحمدية بوسع الإمكان. فلا يغترّ بتلك المقالات، إذ بقدر الفضل تحدث العداوات؛ لأن من جهل شيئًا عاداه، فلا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إلا امرأً أنصفَ من نفسه وترك المراء مخالفًا لحَدْسِه وطبيعة أبناء جنسه، وذلك من أقلّ القليل ولا يكاد يوجد إليه من سبيل.

وقد وقع لكل إمام من الأئمة محنة بعد محنة مدلهمَّة، بل أكثرهم عِرفانًا هو أشدهم امتحانًا كما تشهد له الآيات والأخبار، ولا يخفى على أهل الاستبصار، فقد وضح الحقُّ واستبان، وأنَّ الشيخَ من أهل العِرفان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015