أنها لطف من الله تعالى بهم فيزدادوا بطرًا وانهماكا في الغي حتى يحق عليهم كلمة العذاب اهـ
أقول: يقول الله تعالى: سنقربهم من العذاب، ونأخذهم به من الجهة التي لا يتوقعونه منها بتكثير النعم عليهم، وتأخير العذاب عنهم حتى يزدادوا بطرا وطغيانا ويغتروا، ويظنوا أن الله ما أكثر عليهم تلك النعم إلا وهو راضٍ عنهم، كما قال تعالى في سورة المؤمنين (55 - 56) {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}
وقال تعالى في سورة سبأ (37) {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا، وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}.
يعني أن كثرة الأموال والأولاد عند المرء لا تدل على أنه من المقربين عند الله، لأن ذلك قد يكون استدراجا ومكرا، والذي يدل على رضوان الله هو الإيمان والعمل الصالح، فصاحبه هو الذي يضاعف الله أجر عمله، ويكون يوم القيامة منعما في الغرفات، آمنا من عذاب الله.
وتجيء (حيث) مجرورة بالباء فلا تخرج عن سنتها، وهي الدلالة على ظرف المكان، قال شاعر يحث بني العباس على الفتك ببني أمية بعد أن أظفرهم الله عليهم:
أنزلوها بحيث أنزلها الله ... بدار الهوان والإفلاس
والضمير في أنزلوها، يعود على أمية بمعنى القبيلة، أي أنزلوا بني أمية بالمكان الذي أنزلهم الله به من الذل.
وتجيء أيضا مجرورة بإلى كذلك، كقول الأدباء: إذا سمعوا بهلاك إنسان يكرهونه: إلى حيث ألقت رحلها أم