فقال علي رضي الله عنه: عليها أبعد الأجلين لعموم آية عدة الوفاء وعدة الحوامل.

وقال عبد الله: عدتها بوضع ما في بطنها لأن هذه الآية آخرهما نزولاً وهما آيتان عامتان واحتجا بهما.

فإن قيل: إن الصحابة رضي الله عنهم فهموا العموم منها بدلائل وأحوال اقترنت بها دلت على العموم.

قلنا: إن الحكم بالعموم قد ظهر ولم يظهر له سبب آخر إلا عموم النص فلم يجز الحمل على سبب لم يظهر على أن العمل بها لو وجب بدلائل أخر لما قبل منهم الاحتجاج به بدون تلك الدلائل والأحوال، ولأن الشريعة لازمة إلى يوم القيامة، ووجوبها بالكتاب ثم بالسنة ولو لم تكن هذه النصوص حجة في أنفسها بدون تلك الدلائل الموجبة لما حل لهم السكوت عن نقل تلك الدلائل، ولا لزمهم نقلها كما نقلوا النصوص، ولو نقلوها لظهرت ظهور النصوص بأنفسها، وظاهر عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال– لما اختلفت الصحابة في نقل الأخبار-: إنكم إذا اختلفتم في شيء كان من بعدكم أشد اختلافاً، فإذا سألتم عن شيء فلا ترووا ولكن قولوا: معكم كتاب الله فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، ولم ينكر عليه أحد فثبت أن الكتاب بنفسه حجة بدون الأحوال التي توهمتها حجة للصحابة.

فإن قيل: إن الخلاف بيننا وبينكم في موجب العام للحال لا لحال النزول فإنا لم نبتل بالعمل به فيما سلف.

فنقول: موجب العام للحال الوقت فيه حتى يتبين ما حكمه، لأن النصوص العامة صارت متفاوتة في أنفسها اليوم من باق على عمومه، ومن مخصوص، ومن منسوخ، فإذا صار حكمها في البقاء محتملاً لم تكن حجة حتى يزول الاحتمال.

قلنا: يلزمك مثله في الخاص فإنه يحتمل الانتساخ، والمجاز ولم يجب الوقف به، وكذلك الشاهد إذا عاين سبب ملك الإنسان حل له الشهادة بالملك له بعد ذلك، وإن احتمال الفسخ أو البيع من آخر وكان ما عاين حجة له للحال ما ذكرنا أن الشيء إذا ثبت دام على ذلك من غير دليل وأنما زواله افتقر إلى دليل مبتدأ فعند عدم الدليل لا يزول ما كان ثابتاً بالاحتمال لأنه كما احتمل الزوال احتمل البقاء.

وجملة الجواب فيه: أن العامي يلزمه العمل بعمومه كما سمع.

وأما الفقيه فيلزمه أن يحتاط لنفسه فيقف ساعة لاستكشاف هذا الاحتمال بالنظر في الاشتباه مع كونه حجة للعمل إن عمل به، ولكن يقف احتياطاً حتى لا يحتاج إلى بعض ما أمضاه بتبين الخلاف، وهذا كالحاكم إذا قامت لديه الحجة فإن شاء حكم بها، وكان الأحوط الوقف وإمهال الخصم للرفع ثم القضاء عند العجز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015