إياه على صفة لا يبقى إلا بالكفاية، واشتهاء النفس كذلك بخلق الله تعالى.
وكذلك شرف المكان وفضله كان بخلق الله تعالى.
ولما حسنت هذه الأفعال من حيث أن في الزكاة إغناء عباد الله تعالى المحتاجين.
وفي الصوم قهر النفس التي هي عدو الله تعالى.
وفي الحج تعظيم شعائر الله تعالى وهذه الأفعال بهذه الوسائط حسنة في الشاهد لمن وقعت له، والوسائط تثبت وسائط بخلق الله تعالى فصارت حسنة من العبد للرب عزت قدرته بلا ثالث معنى.
فالوسائط لما ثبتت لله تعالى كانت مضافة إليه، ولم يبق للواسطة عبرة حكماً فصارت كأفعال الصلاة التي حسنت لأنها في نفسها تعظيم للمفعول له.
وأما الوجه الثالث: فنحو قتال الكفرة والصلاة على الميت وإقامة الحدود.
فالقتال فساد وما حسن إلا لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى وكبت أعدائه ودفع قتالهم، فحسن بواسطة العدو وإن كان عدواً بمعصية كانت منه باختياره فصارت الواسطة واسطة بسبب مضاف إلى الكافر فصار حسناً لمعنى في غير العبادة.
فالعبادة تتم بالعبد للرب تعالى فتكون الواسطة المضافة إلى غير الله تعالى غير فعل العبادة صورة ومعنى.
وكذلك إقامة الحدود إضرار وإفساد وإنما حسنت لأنها زاجر عن المعاصي فحسن بواسطة المعاصي، وإنما كان عاصياً لمعنى مضاف إليه.
والصلاة على الميت حسن عبادة شرعية بالميت فأما بدون الميت فعبث وإنما صلح بواسطة الميت لا بموته الثابت بالله تعالى. ولكن بإسلامه المضاف إلى المسلم كالكفر في الفصل الأول.
وأما الوجه الرابع: فنحو الوضوء والسعي إلى الجمعة والغسل تبرد وتطهر عادة، وإنما انقلب عبادة شرعية وعملاً لله من حيث أنه مفتاح الصلاة المشروعة لله تعالى ألا ترى أن الوضوء لا يلزم من لا صلاة عليه، وإن كان محدثاً وكذلك لا يجب قبل مجيء وقت الصلاة.
وكذلك السعي إلى الجمعة حسن لأنه سبب لإمكان إقامة الجمعة، فأما هو في نفسه فعمل مباح.
والجمعة التي هي الحسنة لا تحصل بالسعي ولا بالوضوء بل بعدهما بفعل مقصود لها، وفي الفصل الأول يحسن ما فيه الحسن من قضاء حق الميت وكبت أعداء الله تعالى وزجر العاصي بنفس الفعل.