وقيل:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلا يجوز أن يفسد على الصبي عباراته بعد إصابته شرط الصحة إلا على سبيل النظر له وذلك في دفع ما يتعلق به من المضار عنه كما قاله الخصم وكما سبق القول في باب حقوق الله تعالى.
وإذا ثبت هذا الأصل قلنا: لا ضرر عليه في صحة قبول الهبة والوصية والصدقة فتصح كما قاله الخصم في صحة وصيته بالصدقة.
فأما قوله: إن كونه مولياً عليه ينافي ثبوت الولاية له فليس كذلك لما مر في باب بيان حقوق الله تعالى، ولا تصح هبته ولا صدقته لأنهما من المضار، وكذلك بعد الموت لما مر في ذل الباب، وكذلك لا يصح اختياره في باب الحضانة لأنه يتردد بين نفع وضر، ولربما يختار الذي يضره لعاقبة أمره بل يميل إليه لا محالة فإن الطبع ينفر عمن يؤدبه، ويحمله على التخلق بأداب الشرع والمروءة إلى من يدعه للهو وارتكاب الهوى فكانت عباراته في هذا الباب كعباراته في باب التجارات التي تتردد بين ضر ونفع فلا يجب العمل به.
وقال علماؤنا: يصح إسلامه لأنه نفع محض فإن العصمة في الدارين لحق الإسلام وكرامات الآدمي كلها لحق الدين وتأهله لذلك، وإن لم يقبل ولا شك أن الخير فيه فوق ما في نقل العبادات.
فإن قيل: وربما يبتنى عليه حرمان الإرث وفساد النكاح!
قلنا: لا عبرة لزوائد هذه الأحكام التي ليست بأحكام أصل الدين بل تثبت بواسطة أخرى، وحالة تتفق لما مر أنه لا عبرة في هذا الباب للتغير بالحال ولأنك تفسد إسلامه وإن تعلق بها الإرث وصحة النكاح نحو إن كانت أسلمت امرأة الصبي الكافر، وعمه ولا وارث للعم غيره فإنه بالإسلام يعصم ملك نكاحه، ويرث عمه على أن حرمة النكاح والإرث حيث ثبتت ثبتت مضافة إلى كفر الكافر منهما على ما بينا في موضعه.
وقالوا: تنعقد التصرفات كلها بعبارته، كما تنعقد بعبارة البالغ، وتنفذ إذا كان وكيلاً عن أهلها لأنه لا ضرر عليه في انعقاد التصرف بحق الوكالة لأن العهدة لا تلزمه ونفس فساد العبارة ضرر على ما مر فلا يثبت الحجر في حقها، وإذا ثبت أنها تصح في مال الغير بإذن الولي صحت كذلك في مال نفسه بإذن الولي من طريق الأولى لأنهما لا يفترقان إلا فيما يلزمه إذا كان في ماله.
وهذا اللزوم جعل من المصالح إذا حضره رأي الولي بدلالة أن الولي لو فعله بنفسه