حكم العلة لا بد أن ينعدم إذا عدمت العلة كما كان معدوما قبل العلة وإنما أثبتنا إضافة العدم إلى عدم العلة واجبا به فإذا بطلت الإضافة لم يكن علة، وإنما يبقى الحكم عند عدم العلة لعلة أخرى فتكون مثل الأولى لا عينها في حق الوجوب، والتعلق بها.
وإذا كان كذلك صح الاستدلال بعدم العلة على عدم الحكم إذا وقع الاختلاف في حكم علة بعينها فمتى وقع الاختلاف في ضمان الغصب لم يجب بدونه، وإن كان ربما يجب ضمان آخر مثله كضمان الإتلاف وضمان بيع الفاسد ونحوهما.
وكذلك متى وقع الاختلاف في ضمان هو مال مثل الأول لابد أن يكون الأصل مالا ليكون الثاني مثله معنى على ما مر البيان فيه.
وعند اختلاف المعاني تزول المماثلة فلا يجب ضمان المثل على اختلاف المعاني.
وكذلك الخمس حكم الغنائم لا غير، والغنيمة لا تثبت إلا بإيجاف الخيل بدليل عرف، وكذلك الكفارة بجنس الأكل إنما تجب إذا كان إفطارا كاملا، وإنما يكمل إذا اجتمع الاسم والمعنى وهو اقتضاء الشهوة بالتغذي، واسم الطعام يعمه فعدمه يدل على زوال المعنى، وإنما نجوز من الخصم مثلها ولكنه يحتاج إلى أن يثبت أن شهادة النساء متعلقة صحتها بالمال لتنعدم بعدمه، وأن العتق من حكم البعضية لا غير، ولأن أكثر ما في الباب أن يقال بعدم البعضية ينعدم العتق المتعلق به، ولا يقع ذلك عندنا، وإنما يقع ما تعلق بالمحرمية بالرحم فهو كرجل يقول لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر ثم قال له: إن تكلمت فأنت حر فلم يدخل وتكلم عتق.
ولا يقال لم يدخل فلا يعتق قياسا على عدم الدخول والكلام، فهذا باب لطيف، وأنه باطل تعليلا إجمالا، ولا يثبت استدلالا إلا بعد بيان أنه علة الحكمة لا علة معها غيرها، ولا يمكنه إلا بإقامة الدلالة على الصحة والفساد، والله أعلم.