باب
في القول بموجب العلة
أما تفسير القول بموجب العلة: فهو التزام ما أوجبته العلة، وأنه سبب عجب لإلجاء أهل الطرد إلى القول بالتأثير، وذلك في قولهم: إن المسح بالرأس ركن في الضوء فيسن تثليثه كالغسل. فنقول: عندنا يسن تثليثه لأن قدر الفرص يتأدى بالإجماع ببعض الرأس، ويسن الاستيعاب بالإجماع، وفيه تثليث قدر المفروض من المسح لأن الباقي بعد الفرض من فعل المسح يكون مثلي قدر الفرض وزيادة فيكون تثليثا للفعل، ولكن في أمكنة فالغسل تثليث في مكان واحد، ألا ترى أنك تقول: دخلت ثلاث دخلات في ثلاث دور، ودخلت ثلاثا في دار واحدة فإن غير موجب العلة، وقال: وجب أن يسن تكراره.
قلنا: ولا نسلم هذا الحكم في الأصل، فإن تكرار الغسل غير مسنون في أصله، بل المسنون إطالته في محله ليكون إكمالا له كإطالة القراءة والركوع، إلا أن الفرض منه لما استوعب المحل لم يمكن الإطالة في المحل إلا بالتكرار، ويمكن في المسح الإطالة من غير تكرار فلم يجب التكرار.
أو نقول: إن الغسل لما كان ركنا وجب إكماله سنة، والغسل موضوع للتنقية، وإكمال التنقية في تكراره ليزداد المحل به طهارة، وأما المسح بالماء فلا يفعل في أصله لتنقية المحل، بل المتعلق به طهر حكمي تعلق بعينه فكان تكميل عينه في تطويله كالقراءة والركوع في الصلاة فيضطر إلى النظر في أثر الركنية، إذا قوبلت بالرخصة من مسح الخف في الفرق بينهما في إكمال قدر المفروض بالسنة فلا يجد أثرا، لأن قدر المفروض من الغسل شرع إكماله بمثليه في محله، ومسح الخف يساويه فيه، وإن لم يكن ركنا بل شرع رخصة فإن قدر المفروض منه مثل قدر المفروض من الرأس، وقد شرع إكماله باستيعاب ظاهر الخف بمثلي قدر المفروض في محله أو بأكثر.
ثم ننظر إلى المضمضة التي شرعت سنة فنجدها ثلاثا وأصل المشروع سنة بالمرة وكمالها بالثلاث، فيعرف أن وظائف الوضوء أركانها وسننها ورخصها سواء في إكمال قدر أصل المشروع لا عبرة للركنية فيها فيستوي مسحها وغسلها وركنها وما شرع رخصة.
وكذلك ننظر إلى سائر المشروعات من أركان الصلاة وغيرها فنجد الإكمال مسنونا، والإكمال أبدا يكون بزيادة من