الخيار ثلاثة أيام، وأهل النظر لقبوا هذا الدفع بأنه لا يفارق حكم أصله ونحن لقبنا بالغرض لأن الغرض أوجب القصر على تلك الجملة وبين أن العموم لم يدخل تحت التعليل.
وجملة الحد في الخروج عن المناقضات أن المعلل متى أمكنه الجمع بين حكم علته، وهذا الذي جاء مناقضا لم يكن نقضا، ومتى لم يمكنه كان نقضا كما في تناقض الدعاوي وهذا لأن الجمع بين النقيضين لا يتصور.
وبهذه الوجوه من البيان يمكنه الجمع بينهما من غير رجوع عن الأول أو ترك.
وبهذه الوجه يتبين الفقه: فإنه اسم لضرب معنى ينال بالتأمل والاستنباط.
وفسرت الحكمة في القرآن بالفقه، لأن الحكمة هي المعنى الباطن في المصنوع لأجله كان الصنع، فكذلك المعنى الباطن في النص الذي شرع لأجله الحكم هو العلة.
والحكمة والفقه هو الوقوف عليها، فالدافع على طرف الفقه هو أن يكون بوجه لا ينال إلا بضرب تأمل، فأما الدفع بألفاظ ظاهرة فمما يقع بها الاحتراز عن النقوض بالسماع، فلا يكون فقها.
إلا أن أهل الطرد لما كلت أفهامهم عن الفقه، وطمعوا في اكتساب اسم الفقه أبدلوا المقاييس المعنوية بمقاييس لفظية تشهيا ولم يدروا أنهم لما اعتمدوا الألفاظ، فالأولى بهم أن يقولوا بظاهر النصوص ويكونوا مع أصحاب الظواهر مع ما أطلقوا على أهل التوحيد والسنة أهل الإلحاد ببنائهم أحكام الشرع على ألفاظ ودعاويهم، وبالله نعوذ من الخذلان والكسل والعجب، ونسأله التوفيق للإصابة والجد.
وقد زاد مشايخنا من أصحاب الطرد في هذه العلل المؤثرة فعللوا لمسح الرأس بأنه مسح بالماء فأشبه مسح الخف احترازا عن الاستنجاء بلفظ ظاهر.
وعللوا للدم السائل بأنه نجس خارج إلى موضع يلحقه حكم التطهر في نفسه احترازا عن غير السائل بنص ظاهر.
وعللوا لإيجاب الملك في المغصوب بالغصب عند أداء الضمان أنه سبب أوجب ملك البدل عما يحتمل التمليك والتملك فيوجب ملك الأصل احترازا عن المدبر، وأنه سمع سماعًا ولغوًا ذكرًا لوقوع الغنية عنه بما دونه، والله أعلم.