قال علماؤنا رحمهم الله: إن الفرقة بالردة تقع بنفسها، وفى الإسلام لا تقع إلا بالقضاء إذا أبى الآخر والإسلام لا عبرة للدخول بها.

وقال الشافعي: إن للمرأة تبين بنفس الاختلاف إذا كان قبل الدخول، وتبين بالعدة بعد الدخول لأن الطارئ وهو اختلاف الدينين سبب تعلق به الفرقة بالإجماع، لا على سبيل منافاة أصل الملك حكمًا، فإذا أجمعنا على أنهما إذا ارتدا بقيا على النكاح وردة أحدهما موجودة ويعد الإسلام بعد الدخول الملك قائم لو أسلم الباقي منهما بقيا على النكاح، وما ينافي في أصل الملك حكمًا لا يتصور مع بقاء الملك كالمحرمية وملك اليمين، فصار من هذا الوجه نظير الطلاق فإنه غير مناف لأصل الملك حكمًا، فإنه يراجعها ويبقى الملك مع الطلاق وتتعلق به الفرق فتعلق بالخلو عن العدة.

وقلنا نحن فى إسلام أحدهما: أن الطارئ من السبب وهو الإسلام لا يُضاف إليه الفرق لأنه سبب لعصمة الأملاك دون إزالتها.

ولأن القرار يتوقف على إسلام الآخر لا زوال هذا الإسلام.

وقرار العقد لا يتوقف على قرار ما يوجب قطعه وهذا أثر قوي معقول.

ولا يجوز أن يضاف إلى كفر الباقي لأنه غير حادث، ولكنه دوام لما كان ودوام ما لم يكن قاطعًا لا يوجب قطعًا ضرورة.

فإن قيل: إنما لم يكن كفر هذا قاطعًا مع كفر الآخر دون إسلامه، ألا ترى أنه لم يكن مانعًا لابتداء العقد مع كفر الآخر والآن هو مانع.

قلنا: نعم [يمنع ولا يقطع والنزاع وقع في القطع كأن الحالة لم تتبدل] بأن صار مانعًا يتبدل الحال لا يدل على أنه يصير قاطعًا فإن كثيرًا من الأشياء يمنع ولا يقطع، والنزاع وقع في القطع فصار في حق القطع كأن الحالة لم تتبدل.

فالشافعي أضاف فرقة وجبت عقيب الاختلاف إلى الاختلاف وبين أثره بمنع ابتداء العقد وحرمة الوطء، وإنه ضعيف لأن العدة تمنع الابتداء وتحرم الوطء ولا توجب الفرق.

ونحن قلنا: إن الاختلاف ليس بسبب يوجب الفرقة لما ذكرنا من الدليل، وإنه قوي الأثر مجمع عليه على ما مرَّ، ولما لم يكن الحادث سببًا وجب عليه طلب سبب آخر تحته له أثر في إيجاب الفرق، وما ذلك إلا فوت غرض النكاح فإن هذا الاختلاف يحرم الوطء ويجعلها معلقة، والله تعالى حرم التعليق وجعله ظلمًا يقع على النكاح بانعدام الغرض الذي شرع النكاح له، وأمر بالإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان.

وهذا كما قال الشافعي في الإيلاء بعد المدة: إن الزوج يصير ظالمًا ظلم التعليق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015