دليلًا على إبطال الواحدة أن تكون نصابًا، فثبت أن مستصحب الحال متشبث بإنكاره لا بدليل، وإنه من الباب الأول.
وكذلك المحتج بتعارض الأشباه نحو قول زفر: إن المرافق لا تغسل في باب الوضوء لأنه غاية، والغايات قد تدخل وقد لا تدخل فلا يجب الغسل بالشك الثابت بتعارض الأشباه، لأن الشك أمر حادث بين العلم والجهل فلا يثبت إلا بدليل.
وقوله: إن الدليل يعارض الأشباه والأدلة فهذا أيضًا أمر حادث فلا يثبت إلا بدليل.
وقوله: إن الدليل عليه أن الغاية قد تدخل وقد لا تدخل فغير مسلم له فإن جعل بعد الغايات ووجد منها ما يدخل ومنها ما لا يدخل قيل له: أفتعلم أن هذه من أي الجملتين؟
فإن قال: نعم، فقيل له: فلا تشك فيها ولكن ألحقها بنظائرها.
وإن قال: لا أعلم، فقد أقر بالجهل وأنه لا دليل معه فيقال له: فلا تجعل جهلك حجة على غيرك وإن كان ذلك عذرًا لك إلى ربك، وحجة للتمسك بما كنت عليه كما قلنا في لا دليل.
وأما المحتج بالطرد من غير شرط ملائمة الوصف ولا تأثيره فكذلك، لأنه جعل صحة وصفة وجود الحكم معه على الإطلاق في كل أصل لأنه لا يرى الخصوص فالوجود فيما علل لا يكون دليلًا على غيره فإن اجتهد وعد الأصول كان لخصمه أن يقول: عندي أصل آخر يعارضه أو يناقضه.
كما يقول لمستصحب الحال: عندي دليل إزالة وبالاجتهاد قط لا يبلغ منزلة لا تحتمل حقًا ما ينقضه أو يعارضعلته.
وكذلك المحتج لصحة الوصف بالعدم لما ذكرنا في بابه أن العدم لا يوجب أمرًا، وأعدنا القول ثانيًا في هذا الباب وفي الوقوف على هذه الجملة أمر عظيم لا بد للفقه منه، فإن جهل الإنسان بجهله أذم من جهله، فالجاهل متعلم أو معرض، والآخر محاج أو معلم.
فإن قيل: إن الاحتجاج بالأخبار والنصوص صحيح، وثبوت النص حجة لا يوجب البقاء ولا يمنع الانتساخ بنص آخر.
قلنا: أما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحتمل الانتساخ، وعدم ما يوجب نسخًا مبتدأ متحقق فيستقيم دليلًا على بقاء ما كان ثابتًا.
وأما في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فحكم بقائه ثابتًا، على نحو بقاء حكم أصل ثبت اليوم بدلالة استصحاب الحال على ما مر بيانه في باب النسخ فلا جرم لا يكون حجة على من أنكر بقاءه بناسخ.