والاستيلاد في غير ملك يوجب العتق إذا مات، وهي في ملكه نحو أن يستولد أمة بنكاح ثم اشتراها ففوت العتق المملوك لا يوجب فوات المعلق بالموت، لأن العتاق المعلق بالموت عتاق عن رق قائم عند الموت وهي في ملكه لا العتاق المملوك قبل ذلك على أن الاستحقاق الأول قد بطل وتجدد لها حق ببقاء النسب حين ما اشتراها ثانيًا، لأن بقاء النسب بنفسه علة عتق من غير اعتبار الاستيلاء السابق، والبقاء شيء يتجدد كل ساعة فيعتبر بيمين تتجدد بعد الملك فيوجب عتاقًا آخر أيضًا.
وبعض مسائل الشافعي على ما نذكر في باب، لا دليل يدل على أنه لا يشترط التأثير.
وقال محمد بن الحسن رحمه الله: الوصي إذا أذن لليتيم في التجارة ثم اشترى منه شيئًا لم يصح لأنه هو الذي أذن له.
وهذا يبطل بالأب فإنه يأذن لابنه ثم يشتري منه فيصح وهو الذي أذن له ولكن بدلالة التأثير يتبين أن فصل الأب لم يدخل تحته، وهو أن الصبي إنما ينفك الحجر عنه بالإذن، والإذن إنما يصح بقدر ماله من الولاية، وما للوصي ولاية شراء مال اليتيم لنفسه فلا يثبت الفكاك عنه بإذنه وللأب هذه الولاية فيثبت الفكاك عنه بإذنه.
فإن قيل: قد ذكرت أن من شرط صحة القياس وجود أصل وفرع، ثم صححته بلا أصل!
قلت: إن أمكنني التصحيح بلا أصل لم أسمه قياسًا وسميته علة ثابتة بالرأي كالقياس، كما قلته أنت في تعليل الأصل بما لا يتعدى، على أن التأثير إشارة إلى الأصل لأني إذا قلت: الصبي المودع لا يضمن إذا استهلك لأنه سلط عليه فمتى أنكر الخصم أن يكون التسليط علة رددته إلى المأذون بالاستهلاك نصًا، وإنما لم نذكره للاستغناء عنه فثبت أن الصحيح هو القول بالمؤثر، وأن العلل بظاهر أوصافها تقبل الخصوص بدلائلها المؤثرة باتفاق من السلف والخلف جميعًا، وأن الاستدلال بصلاح الوصف أو بالعدم استدلالًا بلا دليل، والله أعلم.