فيها حكم الله} ولو انتهت بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن للحال فيها حكم الله، ولما صاروا كافرين بالتولي عنه إلا أنا نقول أن الصحيح منها هذا القول إلا أن البقاء لا يثبت بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحكايته أنها ثابتة لأحد طرق:

أما لأن الله تعالى أنبأنا أنهم حرفوا الكلم عن مواضعه وخانوا في النقل فصاروا مردودي الشهادة.

أو لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يحكى لنا منزه عن تهمة الكذب من كل وجه، ولا يخلو نقلهم، وإن كان عن تواتر للحال عن ضرب شبهة حتى يصير متواترًا على حده من الأصل فيجب ترك ما فيه شبهة بما لا شبهة فيه.

أو لأن عداوة الدين كانت ظاهرة فاتهموا بالحيل واللبس في إظهار شرائعهم فلم يصر كلامهم حجة علينا إلا ما نقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا أنها ثابتة بوحي متلو أو غير متلو فثبت أن الشرائع تبقى حقًا في أنفسها لعدم التوقيت من الله تعالى بمبعث نبي آخر.

ولكن يجعل للثاني من حيث الإضافة ولا يثبت إلا بنقل الثاني.

وفيه كمال شرف محمد عليه السلام حيث لم يصدق غيره عليه ولزم الماضين من الرسل اتباعه لو كانوا أحياء، كما قال لعمر، بأن صارت الشرائع كلها له، ثم ختمت عليه حتى لزم الباقين إلى يوم القيامة اتباعه فصار كالقلب يطيعه الرأس وتتبعه الرجل.

وأما قوله: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} ففيه دليل على جواز النسخ في الجملة ولا دليل فيه على انتساخ الكل فإن تبدل الطريقة يثبت بتغيير بعض الأحكام ألا ترى أنهم أجمعوا كلهم على طريقة واحدة في الإيمان بالله تعالى والطاعة إياه على أوامره، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015