كلهم في تصانيفهم احتجتوا [احتجوا] بقولهم: وبلغنا نحو من ذلك: ومثل ذلك، وكثيراً ما أورده محمد بن الحسن رحمه الله.

ولأن اللفظ إنما يجب مراعاته لعينه إذا كان معجزاً أو آية لزوال الإعجاز فإنه يزول الإعجاز بالتبديل أو تعلق بعينه حكم يزول بغيره.

فأما إذا كان اللفظ مما يجب نقله للعمل بمعناه فوقف على معناه حقيقة ثم أداه بلفظ آخر بلا خلل فيه سقط اعتبار اللفظ، ونحن أنما نجوز ترك اللفظ بهذا الشرط.

وأما الجواب عن احتجاجهم بالحديث فإن أكثر ما فيه أن حفظ اللفظ مرغوب فيه في الجملة ونحن هكذا نقول فالنقل باللفظ عزيمة عندنا وبالمعنى رخصة في بعض الأخبار على ما فصلناه.

أما المحكم من الألفاظ فلأنه لا يحتمل إلا معنى واحداً دائماً على ما مر تفسيره ولما تعين المعنى فيه ولم يقع وهم الخلل في الوقوف عليه ممن عرف اللسان رخص لهم ذلك لحصول الغرض منه بأجمعه بلفظ آخر.

وأما الظاهر فلأن المعنى وإن ظهر منه بظاهره فقد احتمل مجازه، والخصوص من عمومه بدليل موجب فلا يرخص في نقله بالمعنى إلا للعالم بطريق الدين والفقه حتى يؤمن بعلمه عن الخلل بمعناه إذا كساه بلفظ آخر فلعل الجاهل بالفقه يكسوه بلفظ لا يحتمل ضرب مجازه ولا ضرب خصوصه، ويكون المراد باللفظ المسموع مجازه أو خصوصه فتفوت تلك الفائدة، أو ينقله بلفظ أعم من اللفظ الأول لجهله بالفرق بين الخاص والعام فيوجب ما لا يوجبه الأول فيلزمه المحافظة على اللفظ فأما العالم بطريق الدين فخال عن هذه التهمة فأبيح له.

وأما المشكل أو المشترك من الألفاظ فلا يوقف على معناه، والمراد منه إلا بضرب تأويل وتأويل الراوي لا يكون حجة على غيره لأنه يصدر عن رأيه في أصول الشرع فجرى إظهار المعنى بالتأويل مجرى القياس فلا يحل نقله إلا بلفظ مسموع، ولا يظن بالعدل إذا نقل بلفظه إلا أحد الضربين الأولين اللذين يحلان له.

وأما المجمل مما لا يوقف على معناه فلا يتصور نقله بمعناه فيكون الامتناع بذاته لا بدليل يحجر الناقل عنه فيكون ضرباً آخر من الحجر غير الضرب الأول، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015