الحجج نوعان: عقلية وشرعية.
وكل نوع قسمان: موجبة للعلم ومجوزة.
فالموجبة: ما أوجبت العلم قطعًا بموجبها ولم تجوز خلافه.
والمجوزة: ما جوزت إطلاق اسم العلم على موجبها وإن جوزت خلافه.
ثم العقلية: ما عرفت حججًا بالاستدلال بمجرد العقول.
والشرعية: ما لم تعرف حججًا إلا بوحي الله تعالى وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه جملة لا نعرف فيها خلافًا فإن من بنى على السماع علمه ما اهتدى إليه حتى يحكم عقله.
فالمسموع في نفسه خبر يحتمل الصدق والكذب، وقائله رجل مثله من الخلق فلا يجوز له اتباع مثله ولا الحكم بقوله حتى تزول عنه جهة كذبه، ولن تزول إلا بمعجزة، ولا معجزة نعرفها إلا بتأمل عن عقله.
ولأنا نرى من لا يعرف الشرع أصلًا يستدل بالبناء على الباني، ويهتدي إلى المصالح الدنيوية ويصل إليها بالدلالات العقلية بنوعي علم: علم بلا شك، وعلم بغالب الرأي مع ضرب ارتياب بحيث جاز أن يتبين له في ضده الصواب.
وكذلك الشرعية فكتاب الله تعالى حجة يوجب العلم قطعًا بلا ريب.
وخبر الواحد يوجب علمًا مع ضرب شك فعلمت أن هذه جملة لا خلاف فيها، وإنما الخلاف في حق أحكام الله تعالى على ما يأتيك شرحها.