مسقط وتبين أن الاستثناء يصير بمعنى الحد والغاية للمستثنى منه لانعدامه عنده في نفسه ثم انعدام حكمه لانعدامه.

وهذا على مثال الشرط فإن الإيجاب متى علق به صار متعرضاً لنفس الإيجاب بأن أعدمه عن محله للحال فانعدم الحكم قبل وجوده، لانعدام الموجب لا لنفي الشرط الحكم بعد وجود علته.

فالخصم مال إلى الظاهر في الفصلين فإن الإيجاب لولا الشرط موجب للحال وجاء الانعدام ظاهراً بالشرط فجعله نافياً.

وكذلك النص العام لولا الاستثناء لأوجب عاماً وإنما سقط حكم العموم في البعض بالاستثناء.

إلا أنا قلنا انعدم الحكم بالشرط والاستثناء بواسطة انعدام العلة بهما من الوجه الذي بينا فلا يكون انعدام الحكم بعد عدم العلة بعلة نافية للحكم.

وإذا كان كذلك صار الحكم الثابت بنص قرن به الاستثناء واحداً وهو الثابت بالمستثنى منه.

وما للاستثناء في نفسه حكم غير حكم انعدام بعض ما نطق به.

بخلاف التخصيص لأنه لا يكون تخصيصاً إلا بنص آخر معارض للأول في حكمه مبين أن العام لم يرد به ما يتناوله الخاص من غير تعرض للفظ العام، بل مغير للحكم.

فأما قول أهل اللغة: الاستثناء من النفي إثبات، فإطلاق على ظاهر الحال مجازاً لا حقيقة لأنك إذا قلت: لفلان علي ألف درهم إلا عشرة لم تجب العشرة كما لو نفيتها، ولكن عدم الوجوب على المقر ليس بما ينافي الوجوب عليه بل لعدم دليل الوجوب.

وكما قالوا ذلك فقد قالوا: أنه تكلم بالباقي بعد الثنيا فلا بد من الجمع بينهما فيجعل الأول مجازاً، وهذا حقيقة حتى قالوا بأن الاستثناء ضربان: حقيقة واستثناء مقطوع وهو بمعنى "ولكن"، ثم قالوا: ما يكون من جنس الأول لم يكن استخراجاً لأنه لم يكن داخلاً تحته فكان كلاماً مبتدأ حكمه بخلاف الأول فلا يتغير به أصل الثبوت بالأول، وإنما يتغير بقاؤه.

فإن قيل: إذا قيل: لا عالم إلا زيد، كان نصاً على أن زيداً عالم، وكذلك قول الناس: لا إله إلا الله ولو جعل الاستثناء تكلماً بالباقي بعده لكان زيد مسكوتاً عن صفته.

قلنا: قول القائل: لا عالم لنفي صفة العلم أصلاً، فلما قال: إلا زيداً صار توقيتاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015