وَبِالْجُمْلَةِ نعلم قطعا ويقينا أَن الْحَوَادِث والوقائع فِي الْعِبَادَات والتصرفات مِمَّا لَا يقبل الْحصْر وَالْعد ونعلم أَيْضا أَنه لم يرد فِي كل حَادِثَة نَص وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك أَيْضا والنصوص إِذا كَانَت متناهية والوقائع غير متناهية وَمَا لَا يتناهي لَا يضبطه مَا يتناهي علم قطعا أَن الِاجْتِهَاد وَالْقِيَاس وَاجِب الِاعْتِبَار حَتَّى يكون بصدد كل حَادِثَة اجْتِهَاد
ثمَّ ذكر شُرُوط الِاجْتِهَاد من فروض الكفايات لَا من فروض الْأَعْيَان حَتَّى إِذا اشْتغل بتحصيله وَاحِد سقط الْقَرْض عَن الْجَمِيع وَإِن قصر فِيهِ أهل عصر عصوا بِتَرْكِهِ وأشرفوا على خطر عَظِيم فَالْآن الْأَحْكَام الاجتهادية إِذا كَانَت مرتبَة على الِاجْتِهَاد ترتت الْمُسَبّب على السَّبَب وَلم يُوجد السَّبَب كَانَت الْأَحْكَام عاطلة والآراء كلهَا متماثلة فَلَا بُد من مُجْتَهد
هَذِه عِبَارَته وَإِيَّاهَا سَاق الزَّرْكَشِيّ
وَهَذَا الْكَلَام إِذا عرض على أهل الْعَصْر شقّ عَلَيْهِم جدا فَإِنَّهُ مَتى أدعى عِنْدهم ثُبُوت وصف الِاجْتِهَاد لأحد مَوْجُود الْآن ليسقط عَنْهُم الْإِثْم والعصيان كبر ذَلِك عَلَيْهِم واستعظموه وَرُبمَا عدوا هَذَا القَوْل من الهذيان والخرافات
وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن أحدا مِنْهُم لَا يُمكن أَن يَدعِيهِ لنَفسِهِ وَلَا يَدعِيهِ لَهُ أحد من خاصته لخلوه يَقِينا عَن أَكثر شُرُوطه إِذْ غَايَة الْوَاحِد مِنْهُم أَن يتقن فَنًّا وَاحِدًا وَهُوَ الْفِقْه مَعَ أَن علم الْفِقْه نَفسه ليسس من شُرُوط الِاجْتِهَاد كَمَا هُوَ مُقَرر فِي مَوْضِعه فَإِن ضم إِلَى ذَلِك غَيره من الْعُلُوم قدر يسير من الْعَرَبيَّة وأنذر مِنْهُ من الْأُصُول تمت الْقَضِيَّة