ظهر من كمال الموصوف بها ما لم يكن معلوماً من قبل؛ ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر من الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه.
* وأما الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه فكلها صفات نقص ولا تليق به كالعجز، والتعب، والظلم، ومماثلة المخلوقين، والغالب فيها الإجمال؛ لأن ذلك أبلغ في تعظيم الموصوف وأكمل في التنزيه. فإن تفصيلها لغير سبب يقتضيه فيه سخرية وتنقص للموصوف.
ألا ترى أنك لو مدحت ملكاً فقلت له: أنت كريم، شجاع محنك، قوي الحكم، قاهر لأعدائك ... إلى غير ذلك من صفات المدح، لكان هذا من أعظم الثناء عليه، وكان فيه من زيادة مدحه وإظهار محاسنه ما يجعله محبوباً محترماً؛ لأنك فصلت في الإثبات.
ولو قلت: أنت ملك لا يساميك أحد ملوك الدنيا في عصرك؛ لكان ذلك مدحاً بالغاً؛ لأنك أجملت في النفي.
ولو قلت: أنت ملك غير بخيل، ولا جبان، ولا فقير، ولا يقال، ولا كناس ولا بيطار، ولا حجام ... وما أشبه ذلك من التفصيل في نفي العيوب التي لا تليق به؛ لعد ذلك استهزاء به وتنقصاً لحقه.
* وقد يأتي الإجمال في أسماء الله تعالى وصفاته الثبوتية كقوله تعالى في الأسماء: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [لأعراف: 180] وقوله في الصفات {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60] ؛ أي: الوصف الأعلى.
* وقد يأتي التفصيل في الصفات المنفية لأسباب منها:
1- نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون المفترون كقوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ