نورهم يسعى بين أيديهم وبإيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا) . فأمرنا أن نرغب إليه في إتمام ما قصرنا عن اكتسابه وقوله: (والذي جاء بالصدق إلى قوله ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون) . ولهذه الجملة قال جعفر الصادق رضي الله عنه: من زعم أنه يصل إلى الحق ببذل المجهود فهو متعنٍ ومن زعم أنه يصل إليه بغير بذل المجهود فهو متمنّ ولقصور الإنسان عن تزكية نفسه بالتمم قال صلى الله عليه وسلم: " ما أحدٌ يدخل الجنة بعمله " قيل ولا أنت يا نبي الله قال: " ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمته ". وقال تعالى تنبيهاً على هذا المعنى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء) . وبيان قصور الإنسان عن تزكية نفسه على التمام هو أن الإنسان حيوان ناطق متفكر والحيوان جوهر متنفس حساس، والمتنفس جوهر متغذ مترب لا قوام له إلا بالغذاء كما قال الله تعالى: (وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين) فالإنسان ما دام في الدنيا لا ينفك عن مشاركة البهائم والسباع لكونه حيواناً محتجاً إلى ما تحتاج إليه وعن مشاركة الحيوان والنبات لكونه متنفساً محتاجاً غلأى ما تحتاج إليه. والإنسان إذا لم يقتحم العقبو ويفك الرقبة وما لم يتعر عن الحاجات لدنية لم يأمن شياطين الإنس والجن فكيف يأمن وقد قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) . قال بعض المفسرين: إن إبراهيم لما سأل الله تعالى فقال: (ربي أرني كيف تحيي الموتى قال