في ارتداد الناس من طريق الخير والشر للإنسان فيما يتحراه من الخير والشر حالتان: حالة يتمكن فيها من الارتداد على ادباره فيما يتعاطاه ان خيراً وان شراً وذلك قبل ان يمعن في سيره ويتناهى في ممره. وحالة يتعذر عليه الارتداد على ادباره بل لا يكون له سبيل الى الرجوع وذلك اذا امعن في سيره وتناهى في ممره. وذلك ان كل من كان متعاطياً لفعل خير فتكاسل عنه، ومتعاطياً لشرٍّ فلم يقلع عنه، اورثه كسله ضيق صدر بتحري الخير كما قال الله تعالى: (ومن يُرد ان يُضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً) . وانشراح صدره بفعل الشر كما قال تعالى (فمن زُين له سوءُ عمله فرآه حسناً) . فإن استمر على ذلك ولم يقلع، اورثه ذلك رَيْنا على قلبه كما قال الله تعالى: (كلاَّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) . فإن تمادى في ذلك واستمر اورثه ذلك غشاوة، كما قال تعالى: (فاغشيناهم فهم لا يبصرون) فإن ازداد اورثه ذلك طبعاً وختماً، كما قال تعالى: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى