والغذاءُ يتكوَّن من الحيوان، والحيوان من النبات، والنبات من سلالة من طين، فإذاً الإنسان على الحقيقة من سلالة من طين، وعلى هذا نبَّه الله تعالى بقوله: (إِنا صببنا الماءَ صبّاً ثم شققنا الأرض شقّاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً) . وقوله: (خلقكم من تراب ثم من نطفة) . فجعله الله تعالى من تراب على هذا الوجه. وقال: (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشرٌ تنتشرون) .
وفي آخر: (خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماءٍ مهين) . وعني بالإنسان ههنا آدم ولذلك قال: ثم جعل نسله. فاقتصر ههنا على النطفة دون المبدأ الأول الذي هو التراب. وإنما ذكر هذه المبادئ متفرقةً لحكمةٍ اقتضت تخصيص ذكر كل واحد من ذلك في موضعه مما يليق بهذا الكتاب.