فللخاصة. وأما عين اليقين ففي الدنيا للأنبياء ولبعض الصديقين. وإلى نحوه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " تنام عيني ولا ينام قلبي " وبقوله: " إني أرى من خلفي كما أرى من قدامي ". قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: لو كشف الغطاءُ ما ازددت يقيناً. وقال بعض الحكماء: علم اليقين يحصل للعقل بالفكر والذكر فإن العقل بفكره أي ببحثه يدرك المعارف وبذكره يستحضرها إذا نسيها وغفل واشتغل عنها وبذهنه ينظر إليها دائماً كما ننظر نحن إلى محسوس غير غائب عن أبصارنا بلا حاجة إلى بحث وطلب وتفكر وتذكر، وكذلك قيل الإنسان يعقل فينظر إلى الحق بالفكر، والملائكة دائماً ينظرون إليه بالذهن من غير حاجة إلى تفكر وطلب.
للإنسان في استفادة العلم وإفادته ثلاثة أحوال: حال استفادة فقط، وحال استفادة ممن فوقه وإفادة لمن دونه، وحال إفادة فقط، وقلَّ من يستحق أن يوجد مفيداً غير مستفيد، ففوق كل ذي علم عليم إلى أن ينتهي الأمر إلى علام الغيوب فقد نبه الله تعالى على الحاجة إلى الاستفادة بما حكاه من قول موسى عليه السلام لصاحبه: (هل اتبعك على أن تعلمني مما عُلّمت رشدا) ونبه بما ذكر في قصة سليمان عليه السلام عن الهدهد بقوله: (أحطتُ بما لم تحط به علماً) . إن الكبير قد يفتقر إلى الصغير في بعض العلوم فإذاً الإنسان ما دام حياً يجب أن لا يخرج من كونه مستفيداً ومفيداً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الناس عالم ومتعلم وما سواهما همج ".