القلب. والعلم أيضاً إذا نظر إليه وهو مكتسب فاكتسابه عمل وإذا نظر إليه وقد اكتسب وتصوّر في القلب خرج في تلك الحال عن أن يكون عملاً. ومن وجه آخر ضربان: واجب وندب فالواجب يقال له العدل والندب يقال له الإحسان وهما المذكوران في قول الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) فالفرض والعدل تحري الإنسان لما إذا عمله أثيب وإذا تركه عوقب. والندب والإحسان تحري الإنسان لما إذا عمله أثيب وإذا تركه لم يعاقب والإنصاف من العدل والتفضل من البر والإحسان، فالإنصاف هو مقابلة الخير من الخير والشرّ من الشرّ بما يوازيه، والتفضل والبر هو مقابلة الخير بأكثر منه والشر بأقل منه. فالإحسان والتفضل احتياط في العدالة، والإنصاف ليؤمن به من وقوع خلل فيه وذلك إذا زدت في إعطاء ما عليك ونقصت في أخذ ما لك فقد احتطت وأخذت بالحزم، كدفع زيادة زكاء إلى الفقير وترك ما أُحل لك أن تتناول من مال اليتيم. فالعدالة إن كانت جميلة فالتفضل أحسن منها. ولذلك قال تعالى فيمن استوفى حقه فتحرى العدالة: (وَلمَن انتصر بعد ظلمه فأُولئك ما عليهم من سبيل) وقال سبحانه بعده: (وأن تعفوا أقرب للتقوى) . وقال عز وجل: (ولا تنسُوا الفضل بينكم) . إشارة إلى أن الإحسان حسن والتفضل أحسن وقال عز وجل: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) فالإنسان إنما يكون محسناً متفضلاً بعد أن يكون عادلاً منصفاً. فأما من ترك ما يلزمه ثم تحرى ما لا يلزمه فإنه لا يقال له متفضل ولا يجوز تعاطي التفضل إلا لمن كان مستوفياً وموفياً لنفسه، فأما الحاكم