فملاقيه) . وقال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كَبد) . وهو مجبول على طلب الراحة لكن الناس في طلبها على ضربين ضرب عموا عن الآخرة وقالوا: (وما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا) أو فعلوا فعل من قال ذلك وإن لم يقولوا قولهم، فطلبوا الراحة من حيث لا راحة وهم كالموصوفين بقوله عز وجل: (والذين كفروا أعمالُهم كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً) وقوله: (إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض..) الآية. فإنهم طلبوا من الدنيا ما ليس في طبيعتها ولا موجوداً فيها ولها. وما أحسن قول الشاعر:
أريد من زمني ذا أن يبلغني ... ما ليس يبلغه في نفسه الزمن
وقال آخر:
مضى قبلنا قوم رجوا أن يقوموا ... بلا تعب عيشاً فلم يتقوّمِ
وضرب عرفوا الدنيا والآخرة وعلموا أن الدنيا كما قال الله تعالى: (ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) . وعلمواأن فيها يستقر الإنسان ويطمئن كما قال الله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) . وإنه يحتاج إلى أن يسافر إليها كما قال عليه السلام: " سافروا تغنموا ". فاحتملوا المشقة، علماً أن كل تعب يؤديهم إلى راحة فهو راحة فسعدوا كما قال الله تعالى: (وأما الذين سعدوا ففي الجنة) .