في سعادة الإنسان ونزوعه إليها قال بعض الحكماء: جعل الله لكل شيء كمالاً ينساق إليه طبعا، وقد هداه إلى التخصيص به تسخيراً، كما نبه الله عليه بقوله تعالى: (أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) . وللإنسان سعادات أتيحت له وهي النعم المذكورة في قوله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وجميع النعم والسعادات على القول المجمل ضربان ضرب دائم لا يبيد ولا يحول وهو النعم الأُخروية. وضرب يبيد ويحول وهو النعم الدنيوية. والنعم الدنيوية متى لم توصلنا إلى تلك السعادات فهي كسراب بقيعة وغرور وفتنة وعذاب كما وصفه الله تعالى في كتابه: (إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماءِ.. الآية) . وما أصدق ما قال الشاعر:
إِنما الدنيا كرؤيا أفرحت ... من رآها ساعةً ثم انقضت