شراب ومنه شجر فيه تُسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار.. الآية) . وأباح جميعها لهم كما نبه الله تعالى عليه بقوله: (قلْ مَنْ حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) . فللإنسان أن ينتفع بكل ما في العالم على وجهه، أما في غذائه أو في دوائه أو في ملابسه ومشموماته ومركوباته، وزينته والالتذاذ بصورته، أو رؤيته والاعتبار به، وبإستفادة علم منه والافتداءِ بفعله فيما يستحسن منه، والاجتناب عنه فيما يستقبح منه، فقد نبه الله تعالى على منافع جميع الموجودات، واطلع الخلائق عليها أما بألسنة الأنبياء عليهم السلام، أو بإلهام الأولياء رضي الله عنهم، وكما أنَّ حق الإنسان أن يعرف منافع الحيوانات في ذواتها فينتفع بها في المطاعم والملابس والأدوية، فحقه أن يعرف أخلاقها وأفعالها فينتفع بها في اجتناء ما يستحسن واجتناب ما يستقبح منها. فقد أحسن من قال: " تعلمتُ من كل شيءٍ أحسن ما فيه حتى من الكلب حمايته على أهله. ومن الغراب بكورة في حاجته " وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في وصف النحل فقال: (وأَوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات.. الآية) فنبه على أن الإنسان حقه أن يقتدي بالنحل في مراعاته لوحي الله عزَّ وجل، فكما أنها لا تتخطى وحي الله في تحري المصالح طبعاً، كذلك يجب على الإنسان أن لا يتخطى وحي الله اختياراً.