تحصن بالايمان واستعاذ بالله وتقوَّى على من والاه كما قال تعالى: (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) كذلك يضعفُ كيد الهوى عن العقل إذا تقوَّى بالله واستعاذ به. فحقُّ العقل أن يستعيذ من الهوى والشره والحرص والأمل وأن يطهر ذاته منها ومن سائر القوى الرديئة، استعاذة إبراهيم صلوات الله عليه حيث قال: (رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبَنيَّ أن نعبد الأصنام) . فالقوى الرديئة والإرادات الرديئة في ذات الإنسان جارية مجرى أصنام قلَّ ما ينفك الإنسان من عبادتها كما قال الله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وذكروا مثلاً آخر فقالوا: " كل إنسان مع بدنه كوالٍ في بلد قيل له طهّر بلدك من النجاسات وادّب من يقبل التأديب من أهله ورُضْ من يقبل الرياضة من حيوانه وسباعه. ومن عاث فيه ولا يقبل التأديب والرياضة فاحبسه أو اقتله ولكن بالحق " كما قال الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرّمَ اللهُ إلاّ بالحق) . فإن عجزت عن تطهير عرصته من الأنجاس، وعن تأديب طغاته ورياضة حيواناته وسباعه، فلا تعجز عن صيانة نفسك عن التلطخ بنجاساته، وعن الاحتراس من أن تفترسك سباعه، وأن يسبيك طغاته حتى إذا لم تكن غالباً لم تكن مغلوباً. فصار الناس في ذلك بين ثلاثة أصناف: صنف لم يفعل ما أُمر، ولم يؤَد حق الإيالة، وتهاون فيما فوض إليه، فجرح وأُسر فصار عند نفسه مع كونه مجروحاً مأسوراً ملوماً مخذولاً. وصنف فعل ما أُمر فأَدى حق