الخمسة. والخازن القوة الحافظة ومسكنها الدماغ. والترجمان القوة الناطقة وآلتها اللسان. والكاتب القوة الكاتبة وآلتها اليد، وسكانها الأخيار والأشرار هي القوى التي منها الأخلاق الجميلة والأخلاق القبيحة، وكما أن الوالي إذا تزكى وساس الناس بسياسة الله صار ظل الله في الأرض كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السلطان ظل الله في الأرض ويجب على الكافة طاعته " كما قال الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) كذلك متى جُعل العقل سائساً وجب على سائر قوى النفس أن تطيعه. وكما أن الله تعالى جعل الناس متفاوتين كما نبه الله تعالى عليه بقوله: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريّاً) . كذلك جعل قوى النفس متفاوتة وجعل من حق كل واحدة أن تكون داخلة في سلطان ما فوقها ومتأمرة على ما دونها. فحق القوة الشهوانية أن تكون مؤتمرة للقوة العاقلة، وحق القوة العاقلة أن تكون مستضيئة بنور الشرع ومؤتمرة لمراسمه، حتى تصير هذه القوى متظاهرة غير متعادية كما قال الله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غِلّ إخواناً على سُرُرٍ متقابلين) . وكما لا ينفك أشرار العالم من أن يطلبوا في العالم الفساد ويعادوا الأخيار كما قال تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الأنس والجن) . كذلك في نفس الإنسان قوى رديئة من الهوى والشهوة والحسد تطلب الفساد وتعادي العقل والفكر. وكما نبه أنه يجب للوالي أن يتبع الحق ولا