(ا) قال ابن كثير فى تفسيره لاول سورة ق (وقد روى عن بعض السلف انهم قالوا: ق جبل محيط بجميع الأرض، يقال له جبل قاف!! وكان هذا- والله اعلم- من خرافات بنى إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس، لما راى من جواز الرواية عنهم مما لا يصدق ولا يكذب، وعندي ان هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاف بعض زنادقتهم، يلبسون به على الناس امر دينهم، كما افترى فى هذه الامة- مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها- أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وَمَا بالعهد من قدم فكيف بامة بنى إسرائيل، مع طول المدى، وقلة الحفاظ والنقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته. وانما أباح الشارع الرواية عنهم فى قوله: «وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج» - فيما قد يجيزه العقل فاما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه- فليس من هذا القبيل والله اعلم. وقد اكثر كثير من السلف من المفسرين وكذا طائفة كثيرة من الخلف. من الحكاية عن كتب اهل الكتاب فى تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج الى اخبارهم ولله الحمد والمنة.
حتى ان الامام أبا محمد عبد الرحمن بن ابى حاتم الرازي رحمة الله عليه أورد هاهنا أثرا غريبا- لا يصح سنده- عن ابن عباس رضى الله عنهما، فقال حدثنا ابى، قال حدثت عن محمد بن إسماعيل المخزومي، حدثنا ليث بن ابى سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال.
خلق الله تبارك وتعالى من وراء هذه الأرض بحرا محيطا بها، ثم خلق من وراء ذلك البحر جبلا يقال له قاف، سماء الدنيا مرفوعة عليه.. الحديث (?) .
قال ابن كثير: واسناد هذا الحديث فيه انقطاع. والذي رواه على بن ابى طلحة عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله عز وجل (ق) هو اسم من اسماء الله عز وجل.
والذي ثبت عن مجاهد انه حرف من حروف الهجاء كقوله تعالى (ص- ن- حم- طس- الم) ونحو ذلك. فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس رضى الله عنهما) (?) .
(ب) وتوالت حملات الحافظ ابن كثير على هذه الاسرائيليات وانتقد ما أورده المفسرون من روايات إسرائيلية فى تفسير آيات معينة من القرآن الكريم.