صلى الله عليه وسلم: «انى لأجد نفس الرحمن من جانب اليمين» (?) .

وقد روى حنبل ابن أخي الامام احمد انه سمعه يقول: (احتجوا على يوم المناظرة فقالوا تجيء يوم القيامة سورة البقرة وتجيء سورة تبارك قال: «فقلت لهم انما هو الثواب» . قال الله جل ذكره: «وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» وانما تأتي قدرته) (?) وهذا بلا شك تفسير للمجيء بمجاز الحذف.

وقد ذكر ابن حزم الظاهري فى الفصل ان احمد بن حنبل قال فى قوله تعالى:

«وجاء ربك» انما معناه وجاء امر ربك فابن حنبل سلفي من اهل التفويض والتنزه والتوقف (?) ومع هذا لجا الى التأويل فى المجاز الظاهر.

«وقد رأيت للإمام النووي رضى الله عنه ما يفيد قرب مسافة الخلاف بين راى السلف والخلف مما لا يدع مجالا للنزاع والجدال، ولا سيما وقد قيد الخلف أنفسهم فى التأويل بجوازه عقلا وشرعا، بحيث لا يصطدم بأصل من اصول الدين» (?) .

وقال الرازي فى كتابه (أساس التقديس) :

ثم ان جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وان لم نجز التأويل فوضنا العلم بها الى الله تعالى، فهذا هو القانون الكلى المرجوع اليه فى جميع المتشابهات، وبالله التوفيق» .

(هـ) وخلاصة هذا البحث ان السلف والخلف قد اتفقا على ان المراد غير الظاهر المتعارف بين الخلق، وهو تاويل فى الجملة. واتفقا كذلك على ان كل تاويل يصطدم بالأصول الشرعية غير جائز.

فانحصر الخلاف فى تاويل الألفاظ بما يجوز فى الشرع، وهو هين كما ترى، وليس موجبا للحيرة. ولا مبعدا لشقة الخلاف بين المسلمين كما ادعى شترثمان.

وقد لجا بعض السلف الى التأويل، واثر ذلك عن الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه.

والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015