جاء الإسلام بالأصول الكاملة للعقيدة الصحيحة، فقرر ان الله يتعالى عن احاطة العقول بكنهه، او ادراك ذاته، وان غاية ما كتب لها من إدراكه هو العجز عن إدراكه (?) ، فقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (?) ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (?) ، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (?) ، هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ (?) .
ولا يخفى ان هذا هو نهاية ما وصلت اليه الفلسفة فى القرن العشرين، فقد نصت على ان الله موجود ولكن العقل لا يمكن ان يدرك كنه وجوده ولا صورته، فهو روح الوجود وقيومه (?) .
وبينما كانت الأمم تخوض فى تحديد الله وتعريفه وتركيبه وتأليفه (?) ، وتطلق لخيالها العنان فى ذلك، إذا بالقرآن يهيب بذلك الخيال ان قف حيث أنت، هذا مقام ليس لك عليه سلطان، ولا لك فى الجولان فيه يدان (?) .
وقد بعث محمد عليه الصلاة والسلام، بدين وشريعة، اما الدين فقد استوفاه الله كله فى كتابه الكريم ووحيه «ولم يكل الناس الى عقولهم فى شيء منه (?) » ، واما الشريعة فقد استوفى أصولها، ثم ترك للنظر الاجتهادى تفصيلها، وجاء فى القرآن الكريم: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (?) .