قال العلماء: إن اللعان فيه حكمة عظيمة، وذلك أن الأزواج تنسب إليهم الذرية، فكل ما حملته المرأة فإنه منسوب إلى البعل، فلو أننا قلنا: إنه لا يُقبل قذفهم إلا بالبينة، فإن ذلك يوجب الضرر عليهم، فشرع الله عز وجل هذا السبيل لكي يُدفع الضرر عنهم، فحصل بذلك المقصود، فلو أن رجلاً قذف امرأته بالزنا -والعياذ بالله- ولم يكن عنده شهداء إلا نفسه، فإنه في هذه الحالة يدفع الضرر بما قلناه، ولذلك رحم الله عز وجل عباده إذ أن المعروف في الإنسان أن الغَيرة تتملكه، وقد تؤثر عليه إلى درجة قد يضر بها الغير، قال بعض العلماء: شرع اللعان يدفع كثيراً من المفاسد، من أعظمها: أننا لو قلنا: إن الزوج يُقبل قولُه مجرداً عن البينة لاستطاع الزوج أن يضر بزوجته وبكل عدو له، كأن يدعو عدوه إلى زيارته، ثم يلصق به التهمة -تهمة الزنا- فلو فُتح باب التهمة هكذا مجرداً؛ لكان أيسر ما يكون على النفوس الضعيفة أن تؤذي عباد الله عز وجل، وتؤذي إماء الله في حال الحَنَق والغيظ والعداوة، والعكس أيضاً، ولذلك حفظ الله عز وجل الأعراض، وصانها وحفظ كذلك الحدود والمحارم، فكان في شرعية اللعان ما يوجب جلب المصالح لكلا الطرفين، ودرء المفاسد عنهما.