قد كنتُ أحب أن أبتدئ مباشرة بتفسير هذه السورة التي اخترناها -أعني: سورة النور- ولكني نظرت إلى الجمع وعلمت أن الكثير يحتاج إلى شيءٍ نمهد به لبيان هذه السورة، وبيان مكانتها ومنزلتها، بعد أن نبين فضل القرآن وفضل العناية به؛ فلذلك أحببت أن أقدم بهذه المقدمة، وقد كان من المقرر أن نتكلم على بعض الأمور المهمة التي ينبغي لكل طالب علم أن يعتني بها في تفسير كتاب الله عز وجل؛ ولكني نظرتُ إلى الجمع ووجدت أن بيننا أناساً لهم حق علينا، وأن ذكر هذه المسائل قد يشوش عليهم، فآثرت أن يكون الكلام على قواعد التفسير ومسائله وضوابطه عند العلماء رحمهم الله هو خاتمة سورة النور إن شاء الله تعالى.
وبعد أن ننتهي من تفسيرها بإذن الله عز وجل، سنتكلم بإسهاب في قواعد التفسير وضوابطه عند سلف الأمة وخلفها رحمة الله على الجميع.
ونسأل الله عز وجل أن يمن علينا جميعاً بالتوفيق والسداد.
وإنما قدمت بهذه المقدمة لما رأيت معنا الكثير من العوام، والذين يحتاجون إلى أن يُذكَّروا بهذه الذكرى، وإلا كان من المقرر أن نبدأ مباشرة في التفسير.
وأنبه هنا على أمر: وهو أني كنت أحب أن يكون التفسير بذكر القراءات، وأوجه اللغات، والبسط في الأحكام والمسائل الفقهية، ولكني أخشى أيضاً التشويش على العامة.
ومن هنا إن شاء الله سيكون تفسيرنا بإذن الله وسطاً لطلاب العلم بحيث يكون كالبداية لطالب العلم؛ لأننا لا نحب أن يكون فيه تشويش على العامة، كما ورد في الأثر: (حدثوا الناس بما يعلمون) .
فإن شاء الله سيكون في هذا القدر حظ لطالب العلم، وللعامي حتى تكون الفائدة للجميع.
وسنبدأ إن شاء الله بسورة النور، وسيكون منهجنا بإذن الله عز وجل التركيز أكثر ما يكون على بيان العقيدة والأحكام الشرعية وما يتبع ذلك من الآداب.