فإن قيل (?): لم خصَّ الجانبين، ولم يذكر اليمين ولا الشمال، ولا الخلف ولا الأمام؟
فالجواب: أن المقصود ذكر ما تتميز به نار جهنم عن نار الدنيا، ونار الدنيا تحيط بالجوانب الأربع، فإن من دخلها تكون الشعلة قدامه وخلفه، ويمينه وشماله، وأما النار من فوق فلا تنزل، وإنما تصعد من أسفل في العادة، وتحت الأقدام لا تبقى الشعلة التي تحت القدم، بل تطفأ، ونار جهنم تنزل من فوق، ولا تطفأ بالدوس عليها بوضع القدم.
{وَيَقُولُ} معطوف على {يَغْشَاهُمُ} أي: يقول الله، أو بعض الملائكة بأمره لهم على سبيل التوبيخ والتقريع {ذُوقُوا} وباشروا {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}؛ أي: جزاء ما كنتم تعملونه في الدنيا على الاستمرار من السيئات، التي من جملتها الاستعجال بالعذاب، فلا تفوتونا.
وقرأ (?) الكوفيون، ونافع {وَيَقُولُ}؛ أي: الله أو بعض الملائكة، بياء الغيبة، واختار أبو عبيد هذه القراءة لقوله: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ} وباقي السبعة: بالنون، نون العظمة، أو نون جماعة الملائكة.
وقرأ أبو البرهشيم: {وتقول} بالتاء الفوقية؛ أي: جهنم، كما نسب القول إليها في {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة: {ويقال} مبنيًا للمفعول.
56 - وقوله: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب تشريف لبعض المؤمنين، الذين لا يتمكنون من إقامة أمور الدين كما ينبغي، لممانعة من جهة الكفار، وإرشاد لهم إلى الطريق الأسلم، وأضافهم إليه بعد خطابهم تشريفًا لهم، وتكريمًا، و {الَّذِينَ آمَنُوا} صفة موضحة، أو مبينة.