السمعية الموجبة للإيمان؛ أي: والذين يعبدون الأوثان والأصنام، ويكفرون بالله مع تظاهر الأدلة التي في الآفاق والأنفس على الإيمان به، ويكفرون برسوله، مع تعاضد البراهين على صدقه، أولىك هم الأخسرون أعمالًا، المغبونون في صفقتهم، من حيث أنهم اشتروا الكفر بالإيمان، فاستوجبوا العقاب حين الوقوف بين يدي الملك الديان.
وخلاصة ذلك (?): أن الله سيجزيهم على ما صنعوا، من تكذيبهم بالحق واتباعهم للباطل، وتكذيبهم برسول الله، مع قيام الأدلة على صدقه، نارًا تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى، الذي كذب وتولى.
فإن قلت: من آمن بالباطل فقد كفر بالله، فهل لهذا العطف فائدة غير التأكيد؟
قلت: نعم، فائدته: أنه ذكر الثاني لبيان قبح الأول، فهو كقول القائل: أتقول الباطل، وتترك الحق، لبيان أن الباطل قبيح.
53 - {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} يا محمد استهزاءً وتكذيبًا منهم بذلك، كقولهم: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى}؛ أي: معين قد جعله الله لعذابهم وعينه، وهو القيامة.
وقال الضحاك: الأجل: مدة أعمارهم؛ لأنهم إذا ماتوا .. صاروا إلى العذاب.
{لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ}؛ أي: لولا ذلك الأجل المضروب .. لجاءهم العذاب الذي يستحقونه بذنوبهم عاجلًا.
وقيل (?): المراد بالأجل الممسمى: النفخة الأولى، وقيل: الوقت الذي قدره الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر يوم بدر.