ومعنى الآية: أي (?) وقال كفار قريش تعنتًا وعنادًا: هلا أنزل على محمد آية من الآيات التي أنزل مثلها على رسل الله الماضين، كناقة صالح وعصا موسى وأشباههما من المعجزات المحسوسة، التي ترى رأي العين، فيكون ذلك أقبل لدى النفوس، وأدهش للعقول، فتلجىء إلى التصديق بمن تظهر على يده المعجزة، فأمره الله أن يجيبهم بقوله: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: قل لهم: إنما أمر الآيات ونزول المعجزات إلى الله، ولو علم أنكم تهتدون .. لأجابكم إلى ما سألتم؛ لأن ذلك سهل يسير عليه، ولكنه يعلم أنكم إنما قصدتم بذلك التعنت والامتحان، فهو لا يجيبكم إلى ما طلبتم، كما قال سبحانه: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}.
{وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}؛ أي: وليس من شأني إلا الإنذار بما أوتيت من الآيات، إلا الإتيان بما اقترحتموه منها، فعلي أن أبلغكم رسالة روح، وليس علي هداكم، كما قال: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} وقال: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
51 - ثم بيّن سبحانه سخفهم وجهلهم، إذ كيف يطلبون الآيات مع نزول القرآن عليهم، فقال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ} كلام (?) مستأنف وارد من جهته تعالى ردًا على اقتراحهم، وبيانًا لبطلانه. و {الهمزة} فيه: للإنكار، والنفي داخلة على محذوف يقتضيه المقام، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أقصر هذا القرآن عن درجة الإعجاز، ولم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات.
{أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} الناطق بالحق، المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية، وأنت بمعزل من مدارستها وممارستها؛ أي: إنزالنا عليك هذا الكتاب.