[47]

والبيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإِسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون". وفي رواية: وقولوا: "آمنا بالله وبكتبه وبرسله، فإن قالوا باطلًا .. لم تصدقوهم، وإن قالوا حقًا .. لم تكذبوهم".

قال ابن الملك (?): إنما نهى عن تصديقهم وتكذيبهم؛ لأنم حرفوا كتابهم، وما قالوه إن كان من جملة ما غيروه، فتصديقهم يكون تصديقا بالباطل، وإن لم يكن كذلك .. يكون تكذيبهم تكذيبًا لما هو حق، وهذا أصل في وجوب التوقف فيما يشكل من الأمور والعلوم، فلا يقضى فيه بجواز ولا بطلان، وعلى هذا كان السلف رحمهم الله تعالى.

والمعنى (?): أي إذا حدثكم أهل الكتاب عن كتبهم، وأخبروكم عنها بما يمكن أن يكونوا صادقين فيه، وأن يكونوا كاذبين، ولم تعلموا حالهم في ذلك .. فقولوا لهم: آمنا بالقرآن الذي أنزل إلينا، والتوراة والإنجيل اللذين أنزلا إليكم، ومعبودنا ومعبودكم واحد، ونحن خاضعون له، منقادون لأمره ونهيه.

47 - ثم بين أنه لا عجيب في إنزال القرآن على الرسول، فهو على مثال ما أنزل من الكتب من قبل، فقال: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} خطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - والإشارة فيه إلى مصدر الفعل الذي بعده، كما بيناه في مواضع كثيرة؛ أي: ومثل ذلك الإنزال البديع الموافق لإنزال سائر الكتب، أنزلنا عليك القرآن، وقيل: المعنى كما أنزلنا الكتب على من قبلك أيها الرسول، أنزلنا إليك هذا الكتاب؛ أي: القرآن.

و {الفاء} (?) في قوله: {فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} من الطائفتين، لترتيب ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015