قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما (?) بين الأمر للمشركين، وذكر لهم سوء مغبة أعمالهم .. خاطب المؤمنين بما فيه ذكر لهم، وإرشاد للمشرك لو تأمله، وفكر فيه، ومثل هذا مثل الوالد له ولدان: أحدهما رشيد، والآخر مفسد، فهو ينصح للمفسد أولًا، فإن لم يسمع .. يعرض عنه ويلتفت إلى الرشيد قائلًا: إن هذا لا يستحق أن يخاطب، فاسمع أنت، ولا تكن كهذا المفسد، فيكون في هذا نصيحة للمصلح، وزجر للمفسد، ودعوة له إلى سبيل الرشاد.

قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر فيما سلف أنهم يعترفون بأن الله هو الخالق، وأنه هو الرازق، وهم بعد ذلك يتركون عبادته، ويعبدون من دونه شركاء، اغترارًا بزخرف الدينا وزينتها .. أردف ذلك أن ما في هذه الدنيا باطل، وعبث زائل، وإنما الحياة الحقة هي الحياة الآخرة، التي لا فناء بعدها، فلو أوتوا شيئًا من العلم .. ما آثروا تلك على هذه.

ثم أرشد إلى أنهم - مع إشراكهم بربهم - سواء في الدعاء والعبادة، إذا هم ابتلوا بالشدائد، كما إذا ركبوا البحر، وعلتهم الأمواج من كل جانب، وخافوا الغرق .. نادوا الله معترفين بوحدانيته، وأنه لا منجي سواه، وليتهم استمروا على ذلك، ولكن سرعان ما يرجعون القهقرى، ويعودون سيرتهم الأولى، كما هو دأب من يعمل للخوف لا للعقيدة.

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أن المشركين حين يشتد بهم الخوف إذا ركبوا في الفلك ونحوه لجؤوا إلى الله وحده، مخلصين له العبادة .. ذكر هنا أنهم حين الأمن، كما إذا كانوا في حصنهم الحصين، وهو مكة التي يأمن من دخلها من الشرور والأذى يكفرون به، ويعبدون معه سواه، وتلك حال من التناقض لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015