ويؤمن بالجبت والطاغوت .. فقد خسرت صفقته، وسينال العقاب من ربه، جزاءً وفاقًا على جحوده وانكاره.

قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله (?) سبحانه لما أنذر المشركين بالعذاب، وهددهم أعظم تهديد .. قالوا له تهكمًا واستهزاءً: إن كان هذا حقًا فائتنا به، وهم يقطعون بعدم حصوله، فأجابهم بأنه لا يأتيكم بسؤالكم، ولا يعجل باستعجالكم؛ لأن الله أجله لحكمة، ولولا ذلك الأجل المسمى الذي اقتضته حكمته، وارتضته رحمته .. لعجله لكم، ولأوقعه بكم، وانه ليأتيكم فجأةً وأنتم لا تشعرون به، ثم تعجب منهم في طلبهم الاستعجال، وهو سيحيط بهم في جميع نواحيهم، ويقال لهم على طريق الإهانة والتوبيخ: ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون.

قوله تعالى: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (?) لما ذكر أحوال المشركين، وأنذرهم بالخسران، وجعلهم من أهل النار .. اشتد عنادهم للمؤمنين، وكثر أذاهم لهم، ومنعوهم من العبادة، فأمرهم الله بالهجرة إلى دار أخرى، إن تعذرت عليهم العبادة في ديارهم.

ولما كانت مفارقة الأوطان عزيزة على النفس، كريهة لديها .. بين لهم أن المكروه واقع لا محالة، إن لم يكن بالهجرة فهو حاصل بالموت، فأولى لكم أن يكون ذلك في سبيل الله، لتنالوا جزاءه، ومرجعكم إلى ربكم، وحينئذ تنالون من النعيم المقيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهنالك الغرف التي تجري من تحتها الأنهار، ونعم هذا الأجر جزاء للعاملين الصابرين، المتوكلين على ربهم، الذين يعلمون أن الله قد تكفل بأرزاقهم، كما تكفل بأرزاق جميع مخلوقاته، وهو السميع لدعائهم، العليم بحاجتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015