أمور المعاش، فبولغ فيه، حيث جعل الإبصار الذي هو حال الناس حالًا له، ووصفًا من أوصافه التي جعل عليها بحيث لا ينفك عنها.
ومنها: الاحتباك في قوله: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} والاحتباك عند البديعيين هو: الحذف من أحد المتقابلين نظير ما أثبته في الآخر؛ لأن أصل التركيب: ألم يروا أنا جعلنا الليل مظلما ليسكنوا فيه والنهار مبصرا ليتحركوا فيه، فحذف مظلمًا لدلالة مبصرًا عليه، وحذف ليتحركوا فيه لدلالة ليسكنوا عليه.
ومنها: الإخبار بالماضي عن المستقبل في قوله: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} وكان السياق يقتضي بأن يأتي بالمستقبل أيضًا، ولكنه عدل إلى الماضي للإشعار بتحقق الفزع، وأنه كائن لا محالة؛ لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعًا به.
ومنها: الطباق في قوله: {تَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} ففيه طباق عجيب بين الجمود والحركة السريعة، حيث جعل ما يبدو لعين الناظر من الأجرام العظام كالجبل في جموده ورسوخه، ولكنه سريع يمر مرورًا حثيثًا كما يمر السحاب.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}؛ أي: تمر عمر السحاب في السرعة، حذفت الأداة ووجه الشبه فأصبح تشبيهًا بليغًا مثل: محمد قمر.
ومنها: الطباق في قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} وفي قوله: {فَمَنِ اهْتَدَى} {وَمَنْ ضَلَّ}.
ومنها: الإضافة لتشريف المضاف إليه في قوله: {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} لأن الإضافة تكون لتشريف المضاف إليه، كما أنها تكون لتشريف المضاف في نحو ناقة الله، وبيت الله، وروح الله.
ومنها: الاحتراس في قوله: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} ففيه احتراس بديع، فقد