عن أعمالهم المسببة للعذاب، وهذا (?) من كلامه تعالى غير داخل تحت الكلام الذي أُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله، وفيه ترهيب شديد وتهديد عظيم.
وقرأ الجمهور (?): {عما يعملون} بياء الغيبة التفاتًا من ضمير الخطاب إلى ضمير الغيبة، وقرأ نافع وابن عامر، وحفص عن عاصم: {عَمَّا تَعْمَلُونَ} بتاء الخطاب، لقوله: {سَيُرِيكُمْ}، ولما قسمهم أولًا إلى مهتد وضال أخبر تعالى أنه محيط بأعمالهم غير غافل عنها.
وعبارة البروسوي هنا قوله: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} كلام (?) مسوق من جهته تعالى، مقرِّر لما قبله من الوعد والوعيد، كما ينبىء عنه إضافة الرب إلى ضمير النبي عليه السلام، وتخصيص الخطاب أولًا به وتعميه ثانيًا للكفرة تغليبًا؛ أي: وما ربك يا محمد بغافل عما تعمل أنت من الحسنات وما تعملون أنتم أيها الكفرة من السيئات، فيجازي كلًّا منكم بعمله، وكيف يغفل عن أعمالكم، وقد خلقكم وما تعملون، كما خلق الشجرة وخلق فيها ثمرتها، فلا يخفى عليه حال أهل السعادة والشقاوة، وإنما يُمهل لحكمة لا لغفلة، وإنما الغفلة لمن لا ينتبه لهذا فيعصي الله بالشرك وسيئات الأعمال، وأعظم الأمراض القلبية نسيان الله سبحانه، ولا ريب أن علاج أمر إنما هو بضده، وهو ذكر الله تعالى، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المجدِّين في الدين إلى أن يأتينا اليقين.
عبارة المراغي هنا: ثم أمره سبحانه بترغيب قومه وترهيبهم، فقال (?): {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّه}؛ أي: وقيل الحمد لله على ما أفاض على من نعمائه، التي من أجلِّها نعمة النبوة، المستتبعة لضروب من النعم الدينية والدنيوية، ووفقني لتحمل أعبائها، وتبليغ أحكامها بالآيات البينة والبراهين الساطعة، ووفقني لاتباع الحق الذي أنتم عنه عمون.
{سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا}؛ أي: سيريكم ربكم آيات عذابه وسخطه فتعرفون