غيره، {وَمَنْ ضَلَّ} بمخالفتي فيما ذكر؛ أي: ضل بالكفر، وأعرض عن الهداية {فَقُلْ} في حقه: {إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}؛ أي: من المخوِّفين من عذاب الله تعالى، فقد بلغت، وأنذرت، وخرجت من عهدة الإنذار والتخويف من عذاب الله وسخطه، فليس عليَّ من وباله شيء، وإنما هو عليه فقط، وقيل (?): الجواب محذوف؛ أي: فوبال ضلاله عليه، وأقيم {إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ} مقامه لكونه كالعلة له، وهذه الآية منسوخة بآية السيف.
93 - {وَقُلِ} يا محمد {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على ما أعطاني من نعمة العلم والنبوة، وعلى ما وفقني من القيام بأداء الرسالة، وقيل لهم يا محمد أيضًا: {سَيُرِيكُمْ} الله سبحانه أيها المشركون عند الموت، أو يوم القيامة {آيَاتِهِ}؛ أي: دلائل قدرته ووحدانيته في أنفسكم، وفي غيركم، وهو من جملة ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله، {فَتَعْرِفُونَهَا}؛ أي: فتعرفون أنها آياته ودلائل قدرته ووحدانيته، وهذه المعرفة لا تنفع الكفار؛ لأنهم عرفوها حين لا يقبل منهم الإيمان، وذلك عند حضور الموت. أو المعنى (?): {سَيُرِيكُمْ} الله تعالى في الدنيا {آيَاتِهِ} الباهرة كخروج الدابة، وسائر أشراط الساعة {فَتَعْرِفُونَهَا}؛ أي: فتعرفون أنها آيات الله تعالى حين لا تنفعكم المعرفة، وقيل (?): هو في يوم بدر، وهي ما أراهم من القتل والسبي، وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، وقيل آياته في السموات والأرض وفي أنفسكم.
ثم ختم السورة بقول {وَمَا رَبُّكَ} يا محمد {بِغَافِلٍ}؛ أي: بساه {عَمَّا تَعْمَلُونَ}؛ أي: عما تعمل أنت من الحسنات، وما تعملون أنتم أيها الكفرة من السيئات، فيجازي كلًّا منكم بعمله، وقُرىء: {عما يعملون} بالياء؛ أي: وما ربك بغافل عن أعمالهم، فسيعذبهم، فلا يحسبوا أن تأخير عذابهم لغفلته تعالى