مسعود: {وما أن تهتدي} بزيادة {أن} بعد {ما}، وتهتدي، وتهتدي مضارع اهتدى، {العمي} بالرفع، والمعنى: ليس في وسعك إدخال الهدى في قلب من عمي عن الحق، ولم ينظر إليه بعين قلبه؛ أي: أنت أيها الرسول لا تستطيع أن تصرف العمي عن ضلالتهم، وتهديهم إلى الطريق السوي. والمراد: إنك لا تهدي من أعماهم الله عن الهدى والرشاد، فجعل على أبصارهم غشاوة تمنعهم عن النظر فيما جئت به نظرًا يوصلهم إلى معرفة الحق، وسلوك سبيله.
ثم زاد ذلك توكيدًا فقال: {إِن تسُمِعُ}؛ أي: ما تُسمع دعوتك سماعًا نافعًا للسامع، {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} التنزيلية، ويصدق بها، وهي القرآن، لا من يكفر بها؛ أي: لا تُسمع إلا من سبق في علمنا إيمانه بآياتنا وتصديقه بكتابنا، ولما كان طريق الهداية هو إسماع الآيات التنزيلية قال: {إِنْ تُسْمِعُ}، دون إن تهدي، مع قرب ذكر الهداية، وجملة قوله: {فَهُمْ مُسْلِمُونَ} تعليل لإيمانهم بها، كأنه قيل يؤمنون بآياتنا لكونهم منقادين للحق، مخلصين في إيمانهم.
والمعنى (?): أي إنما يستجيب لك من هو نافذ البصيرة، خاضع لربه متبتل إليه، مجيب لدعوة رسله.
والخلاصة: أنك لا تقدر أن تُفهم الحق وتسمعه إلا من يصدقون بآياتنا وحججنا، فإنهم هم الذين يسمعون منك ما تقول، ويتدبرونه، ويعملون به، إذ هم ينقادون للحق في كل حين.
واعلم (?): أن الأصل هو العناية الأزلية، وما سبق في علم الله سبحانه من السعادة الأبدية، فالسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله سبحانه وتعالى، وإنما الأعمال بالخواتيم، اللهم اجعلنا بجزيل فضلك ووسيع كرمك من السعداء، ولا تجعلنا من الأشقياء.
82 - ثم هدد العباد بذكر طرق من أشراط الساعة وأهوالها، فقال: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: وإذا وجب وثبت، وحل على الناس أجل ما قلنا في القرآن،