{إِنْ هَذَا}: ما هذا الوعد {إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}؛ أي: أحاديثهم العاطلة، وأكاذيبهم الباطلة التي سطروها وكتبوها كذابًا، مثل أحاديث رستم وإسفنديار، والأساطير الأحاديث التي ليس لها حقيقة ولا نظام، والمعنى، أي: ما هذا الذي تعدنا يا محمد إلا أحاديث الأولين التي لا حقيقة لها.
وعبارة الخطيب هنا (?): والله لقد وُعدنا هذا؛ أي: الإخراج من القبور كما كنا أول مرة نحن وآباؤنا من قبل؛ أي: من قبل محمد، فقد مرت الدهور على هذا الوعد ولم يقع منه شيء، فذلك دليل على أنه لا حقيقة له، فكأنه قيل: فما الفائدة المرادة به، فقالوا: إن هذا إلا أساطير الأولين؛ أي: أحاديثهم وأكاذيبهم التي كتبوها ولا حقيقة لها.
فإن قيل: لِمَ قدم في هذه الآية {هَذَا} على {نَحْنُ وَآبَاؤُنَا}، وفي سورة المؤمنون قدم {نَحْنُ وَآبَاؤُنَا} على {هَذَا}؟
أجيب: بأن التقديم دليل على أن المقدم في كل موضع هو المعني بالذكر، وأن الكلام إنما سيق لأجله، ففي هذه الآية دليل على أن إيعاد البعث والإخراج هو الذي قُصد بالكلام، وفي آية المؤمنون دليل على أن إيعاد المبعوث بذلك الصدد، انتهت.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (?): {أئذا} {أئنا} بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياء، وفصل أبو عمرو بينهما بألف، وقرأ عاصم وحمزة بهمزتين، وقرأ نافع {إذا} بهمزة مكسورة، و {أينا} بهمزة الاستفهام، وقلب الثانية ياء وبينهما مدة، وقرأ الباقون: {أئذا} باستفهام ممدودًا، {إننا} بنونين من غير استفهام، ورجَّح أبو عبيد قراءة نافع، وردَّ على من جمع بين استفهامين.
69 - ثم أمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يُرشدهم إلى وجه الصواب، مع التهديد والوعيد، فقال: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الأنباء من عند ربك {سِيرُوا} وامشوا أيها المكذبون المنكرون {فِي الْأَرْضِ}؛ أي: في أرض