منقطع؛ أي: لكن الله سبحانه يعلمه؛ لأنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض. ورفع (?) بعد إلا مع كون الاستثناء منقطعًا، هو على اللغة التميمية، كما في قولهم: إلا اليعافير وإلا العيس، وقيل إن فاعل {يَعْلَمُ} ما بعد {إِلَّا}، وهو لفظ الجلالة، {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} مفعوله مقدم على الفاعل، و {الْغَيْبَ} بدل من {مَنْ}؛ أي: لا يعلم غيب من في السماوات والأرض إلا الله؛ أي: لا يعلم الأشياء التي تحدث في السماوات والأرض الغائبة عنا إلا الله تعالى.
والحاصل (?): أن الله سبحانه يقول آمرًا رسوله - صلى الله عليه وسلم -: أن يُعلم جميع خلقه أنه لا يعلم الغيب أحد من أهل السماوات والأرض، بل الله وحده هو الذي يعلم ذلك، كما قال: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} الآية، وقال: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} الآية.
والمراد بالغيب: الشؤون التي تتعلق بأمور الآخرة وأحوالها، وشؤون الدنيا التي لا تقع تحت حسِّنا، وليست في مقدورنا، وعن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها قالت: مَن زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما يكون في غد فقد أعظم الفرية على الله؛ لأن الله يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}.
ثم ذكر بعض ذلك فقال: {وَمَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: وما يشعر من في السماوات من الملائكة، ولا من في الأرض من الإنس والجن، ولا يعلمون {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}؛ أي: متى ينشرون من قبورهم لقيام الساعة، والله سبحانه تفرد بعلم ذلك؛ أي: وما يدري من في السماوات والأرض من خلقه متى هم مبعوثون من قبورهم لقيام الساعة، كما قال: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}؛ أي: ثقل علمها على أهل السموات والأرض فلا يشعرون بها، بل تأتيهم بغتة، فـ {أَيَّانَ} (?) مركبة من أي واَن، فأي للاستفهام، وآن بمعنى الزمان، فلما ركبا