المخلوق، وقرىء: {عما تشركون} تاء الخطاب.
أي: تنزه ربنا المنفرد بالألوهية، ومن له صفات الكمال والجلال، ومن تخضع له جميع المخلوقات، وتذل لقهره وجبروته عن شرككم الذي تشركونه به، وعبادتكم معه ما تعبدون.
64 - ثم أضاف إلى ذلك برهانًا آخر لعلهم يرتدعون عن غيهم فقال: {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ}؛ أي: بل أمن يوجد الخلق وينشىء أول مرة {ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي: يعيد الخلق بعد الموت بالبعث؛ أي: يوجده بعد إماتته، خير أم الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، كانوا يقرون بأن الله سبحانه هو الخالق، فألزمهم الإعادة؛ أي: إذا قدر على الابتداء فهو أقدر على الإعادة.
وفي "الكواشي": وسألوا عن بدء خلقهم وإعادتهم، مع إنكارهم البعث، لتقدم البراهين الدالة على ذلك من إنزال الماء وإنبات النبات وجفافه ثم عوده مرة ثانية، والعقل يحكم بإمكان الإعادة بعد الإبلاء، وهم يعلمون أنهم وُجدوا بعد أن لم يكونوا، فإيجادهم بعد أن كانوا أيسر.
و {أَمّ} في الجُمل الخمس للانتقال من التبكيت بما قبلها إلى التبكيت بوجه آخر (?)، أدخل في الإلزام بجهة من الجهات، {وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: بأسباب سماوية وأرضية، كالمطر والحر والبرد والنبات والمعادن والحيوان؛ أي: أهو خير أم ما تجعلونه شريكًا له مما لا يقدر على شيء من ذلك.
والمعنى: أمن تشركون به خير أم الذي ينشىء الخلق بادىء بدء، ويبتدعه من غير أصل سلف، ثم يفنيه إذا شاء، ثم يعيده إذا أراد كهيئته قبل أن يفنيه، والذي يرزقكم من السماء والأرض، فينزل من الأولى غيثًا، وينبت من الثانية نباتًا لأقواتكم وأقوات أنعامكم.
وهم وإن كانوا ينكرون الإعادة والبعث لم يُلتفت إلى ذلك الإنكار، لظهور