لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ}؛ أي: فهم جاروا وظلموا بوضع الكفر موضع الإيمان، والشرك محل التوحيد، وهو إضراب وانتقال من تبكيتهم بطريق الخطاب إلى بيان سوء حالهم، وحكاية لغيرهم
61 - ثم أضرب وانتقل إلى التبكيت بوجه آخر أدخل في الإلزام فقال: {أَمّ} منقطعة {مَّن} موصولة {جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} صلتها؛ أي: بل (?) أمن جعل الأرض مستقرًا لمن فيها، يستقر عليها الإنسان والدواب، بإظهار بعضها من الماء بالارتفاع، وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم، خير من الذين يشركون من الأصنام، وذكر بعض الآيات بلفظ الماضي لأن بعض أفعاله تقدم وحصل مفروغًا منه، وبعضها يفعلها حالًا بعد حال.
{وجَعَلَ} معطوف على الصلة، {خِلَالَهَا} مفعول ثان لجعل - جمع خلل - وهي الفرجة بين الشيئين، {أَنْهَارًا} مفعول أول له، قدم الثاني عليه لكونه ظرفًا، وعلى هذا المفاعيل للفعلين الآتيين؛ أي: وجعل أنهارًا جارية ينتفعون بها في خلال الأرض وأوساطها، {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ}؛ أي: جبالًا ثوابت تمنعها أن تميل بأهلها وتضطرب، ويتكون فيها المعادن، وينبع في حضيضها الينابيع، ويتعلق بها من المصالح ما لا يخفى، {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ}؛ أي: العذب والمالح، أو خليجي فارس والروم {حَاجِزًا}؛ أي: برزخًا مانعًا من الممازجة والمخالطة؛ أي: جعل بين البحرين العذب والمالح حاجزًا من قدرته، فلا يختلط أحدهما بالآخر، فلا هذا يغيِّر ذاك، ولا ذاك يدخل في هذا، وقد مر بيانه في سورة الفرقان.
ولما كانت كل (?) هذه المذكورات نعمة عظيمة مستقلة تكرر العامل فيها في قوله: {وَجَعَلَ} فكانت من عطف الجمل المستقل كل واحدة منها بالامتنان ولم يشرك في عامل واحد فيكون من عطف المفردات.