الْحَسَنَةِ} التوبة.
{لَوْلَا} للتحضيض، بمعنى: هلَّا، وهي كلمة تفيد الحث على حصول ما بعدها. {اطَّيَّرْنَا}؛ أي: تطايرنا، وتشاءمنا بك وبمن معك في دينك، حيث تتابعت علينا الشدائد، وأصل اطيرنا: تطيرنا أدغمت التاء في الطاء، فتعذر الابتداء بالساكن، واجتلبت همزة الوصل، فصار اطيرنا.
وأصل ذلك أنهم كانوا إذا خرجوا مسافرين، فمروا بطائر يزجرونه، فإن مر سانحًا تيمنوا، وإن مر بارحًا تشاءموا، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطير استعير لما كان سببًا لهما من قدر الله سبحانه وقسمته، أو عمل العبد. وفي "القاموس": البارح من الصيد ما مر من ميامنك إلى مياسرك، وبرح الظبي بروحًا: ولّاك مماسره ومر، وسنح سنوحًا ضد برح، ومن لي بالسانح بعد البارح؛ أي: المبارك بعد المشؤوم. انتهى.
قال في "كشف الأسرار": هذا كان اعتقاد العرب في بعض الوحوش والطيور أنها إذا صاحت في جانب دون جانب دل على حدوث آفات وبلايا. ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: "أقروا الطير على مكناتها"؛ لأنها أوهام لا حقيقة معها. والمكنات بيض الضبة، واحدتها: مكنة. قال ابن الملك: كان أهل الجاهلية إذا قصد واحد إلى حاجة، وأتى من جانبه الأيسر طير وغيره يتشاءم به فيرجع، هذا هو الطيرة.
{فِي الْمَدِينَةِ}: هي البلد. من أخذها من مدن بالمكان يمدن إذا أقام فيه، فهي فعيلة، والجمع: مدائن بالهمز والميم أصلية والياء زائدة، ومن أخذها من وإن يدين فالميم زائدة والياء أصلية، وهي مفعولة، ويقال: دنت الرجل: ملكته. ودنت له: خضعت له وأطعت، ويقال: للأمة مدينة؛ لأنها مملوكة. وفي معاجم اللغة: مدن بالمكان يمدن - من باب نصر - مدونًا إذا أقام، وهو فعل ممات. ومدن المدينة آتاها، ومدن المدائن - بالتشديد - بناها ومصرّها، وتمدّن: تخلق باخلاق أهل المدن، وانتقل من الهمجية إلى حالة الإنس والظرف، وتجمع المدينة على مدن بسكون الدال، ومدن بضمها، ومدائن. والمدينة: علم أطلق