شبهاتهم في ذلك .. أردف هذا ببيان أن ذلك ما كفاهم، وليتهم اقتصروا عليه، بل زادوا على ذلك الاستهزاء به والحط من قدره، حتى لقد قال بعضهم لبعض: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا}، بل لقد غالوا في ذلك فسموا دعوته إضلالًا، فرد الله عليهم مقالهم، وأبان لهم أنه سيظهر عليهم حين مشاهدة العذاب من الضال ومن المضل، ثم عجب رسوله من شناعة أحوالهم بعد حكاية أقوالهم وأفعالهم القبيحة، وأرشد إلى أن مثل هؤلاء يبعد أن يزدجروا عما هم فيه من الغي بنصحك وإرشادك، فإن أكثرهم لا يسمعون ولا يعقلون، وما هم إلا كالأنعام أو أضل منها سبيلًا.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين (?) جهالة المعرضين عن دلائل التوحيد، وسخيف مذاهبهم وآرائهم .. أعاد الكرة مرة أخرى، فذكر خمسة أدلة عليه نراها عيانًا، وتتوارد علينا ليلًا ونهارًا، وتكون دليلًا على وجود الإله القادر الحكيم.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن مردويه وأبو نعيم في "الدلائل" بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أبا معيط كان يجلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة لا يؤذيه، وكان رجلًا حليمًا، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام، فقالت قريش: صبأ أبو معيط، وقدم خليله من الشام ليلًا، فقال لامرأته: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالت: صبأ، فبات بليلة سوء، فلما أصبح أتاه أبو معيط، فحياه، فلم يرد عليه التحية، فقال: ما لك لا ترد عليّ تحيتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت، فقال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: فما يبرىء صدورهم إن أنا فعلت؟ قال: تأتيه في مجلسه، وتبزق في وجهه، وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم، ففعل، فلم يزد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مسح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015