و {الْعَرْشِ}: هو مركز تدبير العالم، ووصفه بالكريم لشرفه، وكل ما شرف فى جنسه يوصف بالكرم، كما فى قوله: {وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)} وقوله: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} وفي "أبي السعود" قوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}؛ أي: فكيف بما تحته وما أحاط به من المخلوقات، كائنًا ما كان، ووصف بالكرم، إما لأنه ينزل منه الوحي الذي منه القرآن الكريم، أو الخير والبركة والرحمة، أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين تعالى من حيث أنه أعظم مخلوقاته اهـ.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التأكيد بإن وباللام وباسمية الجملة فى قوله: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)} لإنكار المخاطبين ذلك.

ومنها: الطباق المعنوي فى قوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ}؛ لأن المعنى: ادفع بالحسنة السيئة، فهو طباق بالمعنى لا باللفظ.

وفي قوله أيضًا: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} من البلاغة العدول عن مقتضى السياق لسر بليغ، فالظاهر أن يقول ادفع بالحسنة السيئة، ولكنه عدل عن مقتضى الكلام لما فيه من التفصيل، والمعنى: ادفع السيئة بما أمكن من الإحسان، حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان, وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة.

ومنها: إعادة لفظ الرب فى قوله: {رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)} مبالغة فى الابتهال والتضرع.

ومنها: الإظهار فى مقام الإضمار فى قوله: {فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)} تسجيلًا عليهم باسم الظلم؛ لأن الأصل فلا تجعلني فيهم.

ومنها: إعادة كل من العامل والنداء فى قوله: {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} مبالغةً وزيادة اعتناء بهذه الاستعاذة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015